السبت، 25 مايو 2013

تقارير منشورة في مؤسسات اخرى




الهرمون الحيواني يستهوي شباب الديوانية


 لن ينسى محمد حمزة ذلك اليوم الذي دخل فيه المستشفى لقطع يديه بعد إصابتهما بالتهاب شديد، إثر زرقه بمجموعة هرمونات حيوانية من قبل مدرب القاعة الرياضية التي كان يتدرب فيها.

الشاب الذي لم يتجاوز الثانية والعشرين كان يتعاطى الهرمونات داخل العضلة لأكثر من ستة اشهر، قبل أن يكتشف ان تلك الهرمونات سببت له التهابا مزمناً دفع الطبيب الذي أشرف على فحصه إلى إدخاله صالة العمليات وقطع يديه كلاهما.

 "أعدّ لي المدرب لي مزيجا هرمونيا مكون من هرمون AD3، وهرمون الديكا، وهرمون الناندرلون وكان يحقنني بين (3-4) سي سي يوميا، وبعد ستة أشهر شعرت بالآلام وتشقق وتقرحات والتهاب العضلة، فقطع الطبيب يداي كلاهما قبا استفحال الأمر" يقول محمد بمرارة قبل ان تسقط دمعتين دافئتين على وجنتيه الشاحبتين.

دخول محمد إلى صالة بناء الأجسام كان نزولاً عند رغبة حبيبته التي طلبت منه الإنتظام في إحدى القاعات الرياضية ليغير من جسمه النحيف، ولتتفاخر امام صديقاتها بعضلاته المفتولة وقوامه الذي بات محط انظار الكثيرين من الزملاء في الجامعة، لكنها تركته وحيدا مع همومه بعد قطع يديه فأنتهى به الأمر حبيسا في المنزل.

إمتزاج الألم بالندم لن يغيّر شيئا في النتيجة التي وصل اليها الشاب الطموح بعدما فقد كل شيئ في لحظة واحدة.

جاسم الذي لم يتجاوز عمره (17) عاما ضحية أخرى من ضحايا الأدوية الهرمونية التي يتعاطاها الشباب في قاعات الرياضة في مدينة الديوانية.

الشاب الذي كان يسكن في منطقة حي العسكري في الديوانية، توفي بشكل مفاجئ إثر جرعة زائدة من الهرمونات بحسب رياض شعيب دهام مدير قسم التفتيش والشكاوي في دائرة صحة الديوانية.

دهام الذي يقطن في منزل داخل الحي ذاته كان شاهداً على ذلك الحادث المؤلم ويقول "كان موته صدمة كبيرة في نفوس ابناء الحي فالجميع كانوا يحبونه بسبب نبل أخلاقه".

التقرير الطبي الذي صدر بعد تشريح الجثة أكد ان سبب الوفاة يعود إلى تناوله جرعات غير منتظمة وبصورة عشوائية من هرمونات ومكملات غذائية، كان وصفها له وزوده بها صاحب القاعة الرياضية التي كان يرتادها حيث سببت له فشلا كلوياً تاماً.

الإحصائيات الرسمية في المحافظة تشير إلى تراوح أعداد ضحايا الهرمون الحيواني الذي يتعاطاه الشباب في قاعات الرياضة بين (20-30) حالة سنويا، تتوزع بين موت مفاجئ او عاهةٍ مستديمة أو حالة مرضية خاصة.

التحليلات والفحوصات الطبية اللاحقة تكشف أن السبب الرئيس في القضية يعود إلى سوء استخدام المكملات الغذائية والهرمونات الحيوانية المُباعة في صالات بناء الأجسام، حيث لا تخضع تلك المواد للسيطرة النوعية وتدخل البلاد بطريقة غير مشروعة.

كريم عناد احد المحظوظين الذين نجوا من مضاعفات تعاطي الهرمونات في صالات الرياضة في الديوانية، إذ تمّكن من معالجة كثافة الشعر في جسده في إحدى مستشفيات الهند بعدما أكتشف أن الهرمون الحيواني الذي كان يتعاطاه والذي يسمى محليا بـ"هرمون الغوريلا" هو السبب الرئيس في حالته.

يقول كريم "كلفتني مصاريف السفر والعلاج أكثر من 30 ألف دولار وما حصل لي كان درسا دفعني إلى نصح الأقارب والأصدقاء بعدم تعاطي الهرمونات ".

عدد القاعات الرياضية الخاصة ببناء الأجسام والرشاقة في الديوانية وصل إلى (18) قاعة، بحسب الإحصائية الأخيرة لقسم التفتيش والشكاوي في دائرة صحة الديوانية، وهذا العدد مرشح للزيادة مستقبلا.

رياض شعيب دهام مدير القسم أكد لـ"نقاش" تشكيل لجان تفتيشية من قبل دائرة صحة الديوانية للقيام بحملات مكثفة وزيارات شهرية مفاجئة على الصالات الرياضية، في محاولة للقضاء على ظاهرة تداول المنشطات والهرمونات بصورة عشوائية فيها.

الحملات أسفرت عن إحالة ثلاثة من أصحاب القاعات الى القضاء حيث حكمت المحكمة على أثنين منهم بالحبس لمدة عام، ودفع الثالث غرامة مالية.

يقول دهام إن "المشكلة الأكبر هي أن أصحاب الصالات الرياضية لا يحتاجون الى إجازة صحية صادرة من وزارة الصحة ليتمكنوا من فتح الصالة أو القاعة الرياضية، وكل ما يتطلبه الأمر هو إجازة من اتحاد بناء الأجسام المركزي وهو ما يجعلنا نتحمل أعباء وإهمال الوزارات المعنية للحد من انتشار هذه الظاهرة".

الصالات الرياضية في الديوانية التي باتت ملجأً للشباب لبناء عضلاتهم وشد اجسادهم لا تكاد تخلو من الهرمونات التي توضع على أحد الرفوف القريبة من الإدارة حيث يتواجد المدرِّب، فألوانها والرسومات الظاهرة على العُلب تشد الإنتباه إليها بشكل كبير، أما الجرعات فيتعاطاها مرتادو القاعات بحسب قرار المدرب الذي تحول إلى طبيب مختص من دون شهادة.

أصحاب الصالات يحصلون على تلك المواد من باعة الجملة في بغداد باسعار مخفضّة، ثم يقومون ببيعها على الشباب.

علي حسين صاحب إحدى القاعات الرياضية يقول إن غالبية زملائه في المهنة يحصلون على المكملات الغذائية والفيتامينات والهرمونات من تجّار الجملة المنتشرين في شارع السنك في بغداد، أما هو فيحصل عليها من الممول الرئيسي لتجّار الجملة الذي تربطه به علاقة شخصية.

ويقول حسين إن الأسعار تختلف بحسب الأنواع والمنشأ، فالمكملات الغذائية تراوح أسعارها بين (25- 200 دولار) وهي تحوي أنواعاً كثيرة مثل تروماس وسيريس وماس وأمينو وماستك وغيرها.

أما الهرمونات مثل الديكا، وأكي بويز، والبريموبولان، والسستالون، فتراوح أسعارها بين (40 - 150 ) دولار لكل قنينة تحتوي على (10سي سي).

الصيدلاني سرمد علوان يقول إن هرمون "الديكا" الذي يتاجر به أصحاب القاعات الرياضية حاليا هو الأسم التجاري لـ"اللاندرلون" وهي مادة لها تأثيرات سلبية كثيرة على مستخدميها، حيث تقوم مادة اللاندرون ديكونات الموجودة داخل الهرمون بتهيئة الخلية للاحتفاظ بكم أكبر من البروتين لبناء العضلات وزيادة حجمها ما يترتب عليه رفع معدلات هرمونات الذكورة والأنوثة في الوقت ذاته.

متعاطي الهرمون تظهر عليهم علامات الأنوثة وكبر مساحة حلمات الثدي، كما تحتفظ اجسادهم بالدهون في مناطق يحتفظ بها جسد النساء.

العظلات المفتولة والجسد الممتلئ باتت حلما يراود مخيلة الشباب والمراهقين في الديوانية، دون ان يدركوا ان الهرمونات الحيوانية التي يتعاطونها لتحقيق هذا الحلم قد تُنهي حياتهم في أية لحظة او تسبب لهم الإعاقة والأمراض.





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ






رسالة أحدث
السابق
هذا آخر موضوع.

0 التعليقات:

إرسال تعليق